تقرير الجلسة الختامية للمؤتمر
تقرير الجلسة الختامية لأشغال المؤتمر العلمي الثالث
البعد الإنساني في الفكر الإسلامي المعاصر
اختتمت، مساء يومه الأحد 20 دجنبر 2020م، أشغال المؤتمر العلمي الثالث الذي نظمته مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات، تخليدا للذكرى الثامنة لرحيله رحمه الله، في موضوع “البعد الإنساني في الفكر الإسلامي المعاصر، الإمام عبد السلام ياسين نموذجا”، يومي السبت والأحد 04-05 جمادى الأولى 1442ه، الموافق ل 19- 20 دجنبر 2020م، عبر تقنية التناظر عن بُعد بسبب وباء كوفيد 19.

عرفت الجلسة الختامية التي نشطها الدكتور مصطفى الريق أربع فقرات:
الفقرة الأولى: الإعلان عن نتائج النسخة الأولى من جائزة المنهاج النبوي:
مهد رئيس مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات الدكتور عمر أمكاسو للإعلان عن نتائج الجائزة، بالتذكير بما يلي:
·ثمرة المؤتمر بإخراج المؤسسة لإصدارها السادس الموسوم ب”صناعة الحرية، في التجربة السجنية للأستاذ عبد السلام ياسين”، ويقع في أكثر من 350 صفحة، من تأليف الدكتور أحمد الفراك، وتقديم الأستاذ أحمد المرزوقي مؤلف كتاب الزنزانة رقم 10.
·تذكير الباحثين والباحثات بموعد استقبال البحوث كاملة (1مارس 2021)، بهدف إصدار كتاب المؤتمر الثالث،
·عرض شريط مصور لإصدارات المؤسسة بين المؤتمر الثاني والحالي 2016-2019
·كما تمت ترجمة كتب الإمام رحمه الله إلى لغات متعددة منها الهندية والتركية والأردية والمالوية والروسية والأوكرانية، بالإضافة إلى عشرات الكتب المترجمة من قبل إلى الإنجليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية والفرنسية…
وقد عرض رئيس المؤسسة النتائج التي أسفرت عنها النسخة الأولى لجائزة المنهاج النبوي:
·ففي الفرع الأول: فرع الأطاريح الأكاديمية (ليسانس- ماستر- دكتوراه)، فاز الباحث الأكاديمي الفلسطيني عن جامعة تركية وسيم عوني صلاح أبو حسن ببحث جامعي بعنوان: “عبد السلام ياسين وأثره على علم المقاصد في العصر الحديث”.
·أما الفرع الثاني: فرع مشاريع الكتب، فقد فاز كل من الدكتور محماد رفيع (من المغرب) عن كتابه: “مراجعات في التراث المقاصدي والأصولي والفقهي عند الإمام عبد السلام ياسين، والدكتور مصطفى شكري (من المغرب) عن كتابه: “الأدب الإسلامي بلاغ وبيان، عرض تحليلي للرؤية التنظيرية لمفهوم الأدب عند الإمام عبد السلام ياسين”.
الفقرة الثانية: قصيدة شعرية من وحي الذكرى “أتذكر وأنسى”
ألقى الأستاذ منير الركراكي، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، قصيدة بعنوان “أتذكر وأنسى” نظمها من وحي المؤتمر الثالث إحياء لذكرى الخليل الأصيل الجليل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله. ذكر في القصيدة بخصال الإمام رحمه الله وشيمه وسجاياه السمحة، رفقا بخلق الله، وصبرا على الأذى، وعفوا، علما وفهما وعزما، ودعوة إلى الصبر مع خير صَحْب، كما ذكر بإرثه العلمي المنثور والمنظوم. ولم يفته نقدَ من خذل الأقصى، وطبع مع اليهود، وشُكرَ من واسى قلوبا وزكى عقولا إشادة بمشترك آدمي.
الفقرة الثالثة: قراءة توصيات المؤتمر:

من رئيس الوحدة العلمية للمؤتمر الدكتور عبد الباسط مستعين، فبعد تذكير ورقة التوصيات بالسياق الزمني لتنظيم المؤتمر، وتثمين المشاركة الواسعة للأساتذة والدكاترة من دول مختلفة تنتمي لأربع قارات: الإفريقية والأوربية والآسيوية والأمريكية، وجلساته العلمية الأربع، إلى جانب الجلستين الافتتاحية والختامية. تم عرض توصيات المؤتمر، التي يمكن تلخيصها في نقاط مركزة:
· الإشادة بعروض الباحثين القيمة، والتعهد بطبع الأعمال العلمية للمؤتمر، والاستمرار في هذا التقليد العلمي.
· الدعوة إلى الالتزام بمبدأ التسامح في العلاقات الإنسانية والاجتاعية رغم تباين المواقف والأفكار، وبث منهاج الرحمة وقيمها تأسيا بالرسول الرحمة للعالمين ﷺ، والاستعانة في ذلك بوسائل متنوعة: إنشاء قنوات إعلامية ومنابر علمية ودور نشر، ومراكز التواصل المعلوماتي.
· توجيه عناية المراكز البحثية داخل الجامعة وخارجها للاهتمام ضمن مشاريعها البحثية بالقضايا المتنوعة التي قاربها الإمام، والدراسة المتعمقة لفكره ذي البعد الإنساني الإحساني والعدلي، استشرافا لمستقبل أفضل.
· تأهيل المربين والدعاة والأئمة والخطباء لبث قيم الرحمة مواجهة لتوجهات العنف والكراهية.
· تشجيع المشاريع الرامية إلى تأسيس ميثاق إنساني عالمي يفضي إلى ميثاق سلم أممي مبني على الرحم الآدمية والمشترك الإنساني، والتأكيد على ضرورة انفتاح الفكر الإسلامي على القضايا ذات البعد الإنساني.
الفقرة الرابعة: الكلمة الختامية للمؤتمر:
ألقاها الأستاذ محمد حمداوي، نائب رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، واستهلها بشكر المؤسسة المنظمة، والمحاضرين والمحاضرات على عروضهم القيمة، والطاقم التقني والإعلامي الساهر على المؤتمر، مذكرا بانطلاق الإمام عبد السلام ياسين في فكره من القرآن الكريم والسنة النبوية، وبكون القرآن رسالة خاطبت الإنسان مباشرة أو تحدثت عنه، ولمكانته ذُكِر في أكثر من 50 موضعا، خصوصا سورتي الإسراء لارتباط عمل الإنسان بالأرض المقدسة والمسجد الأقصى، والقيامة تعريفا له بوجوده ومعاده وآخرته ومآله.
وقد اعتبر آية التكريم للإنسان ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، وآية عدم الإكراه في الدين ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ من الغي﴾ [البقرة: 256]، وآية المعاملة بالبر والعدل ﴿لَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، موضع تأمل، ومنهج استمداد للمعايير التي ينبغي الإيمان بها، والسعي لتنزيلها، وهي تباعا: الكرامة، الأمن، الحق في الغذاء، التقدير والتفضيل، الحرية، المعاملة بالبر، العدل، مشددا على أن مواجهة الاحتلال والاغتصاب للأرض أمر مجمع عليه في الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.
وقد ساق في ختام كلمته قولة جامعة للإمام رحمه الله، تعكس هدف المؤتمر الثالث، يقول فيها: “نمد لكم اليد، أيتها النفوس المتآخية في الإنسانية، مهما كانت اعتقاداتكم ما دامت الرحمة الإنسانية والمحبة لبني البشر تنعش قلوبكم وأعمالكم.
إننا وسنبقى دائما على استعداد، وكلنا عزم وثقة في رحمة الله عز وجل، لمد اليد إلى الرجال والنساء ذوي الإرادة الطيبة والاستعداد النبيل. سنبقى كذلك حتى نعقد ميثاق عدم الاعتداء على الإنسان وعلى كرامة الإنسان، ميثاق رفق شامل بالإنسان وبأمن الإنسان، ميثاق رفق فعال ونشيط وباذل. إننا كذلك حتى نقضي على الإقصاء والحقد العنصري واحتقار خلق الله عز وجل والعنف على الإنسان والوسط الحيوي للإنسان” (الإسلام والحداثة، ص 22). وقد استلهم من هذا القول ثلاثة أمور أساسية:
· اليد الممدودة لكل رحيم بالناس، محب للخير للإنسانية.
· الدعوة إلى تجديد المعاهدات الدولية، وبعث الروح فيها، حتى تكون عادلة منصفة فعلا، لا أن يكون لها شكل انتقائي مصلحي بعيد عن العدل والقسط بين جميع بني الإنسان في الأرض بدون استثناء.
· مجالات العمل والتعاون التي تشمل محاربة الإقصاء، والحقد العنصري، والاحتقار، والتعصب الطائفي، ونبذ العنف أيا كان شكله سواء فرديا أو جماعيا أو سلطويا والمحافظة على البيئة.
والمبتغى من ذلك كله هو: الإنجاز الحقيقي للعدل الدولي، وبسط التراحم الإنساني فوق هذه البسيطة، حتى يحيا الجميع في سلم وأمن وأمان. ليختم كلمته بتجديد الشكر للجميع.
وقد أُسدِل الستار عن المؤتمر العلمي الثالث الذي نظمته مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات، بتجديد المسير الشكر للقائمين على مؤسسة الإمام، وكل المساهمين في أشغال المؤتمر، والتذكير بما يستصحبه المشاركون فيه، والمتابعون له في أنحاء العالم:
· تجديد الرحمات على صاحب الذكرى ومن لحق به من أهله وأصحابه وأحبابه.
· الرجاء في المولى الكريم أن يرفع عنا وعن البشرية جمعاء هذا الوباء، سائلين الله الرحمة للشهداء، والشفاء العاجل للمرضى، ودوام العافية للأصحاء.
· الدعاء للبشرية بالأمن والسلم والعافية، وللأمة بالعزة والرفعة والوحدة حتى تكون كالبنيان المرصوص سندا للمستضعفين في وجه المستكبرين، وفي مقدمة المستضعفين الذين نفديهم بأرواحنا إخوتنا في فلسطين.
وقد قرئت الفاتحة، بعد التواعد على مناسبات علمية إيمانية، والتذكير بالنصيحة الجامعة في موضوع “المشترك الإنساني ومعيار الأفضلية، تحت شعار أنوار قوله تعالى: ﴿يآأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبآئل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير﴾ (الحجرات: 13).